أرشيفات الوسوم: صنع الله ابراهيم

يوميات صنع الله في سجن الواحات…

5948600يتناول نصر الله ابراهيم فى كتاب “يوميات الواحات” تجربة الشيوعيين المصريين في المعتقلات بعد 23 يوليو ، بالإضافة لاستعراض بدايات تجارب الكتابة لديه بتلك الفترة من حياته ، يتحدث عن نشأته وأسرته بشكل مختصر ومركز مبينا ً دور والده فى زرع بذرة التمرد على الواقع بمصر فى عقد الأربعينات ، ثم عن دخوله الجامعة ، والمشاركات الأولى فى الأنشطة الثقافية والسياسة الحزبية ، بالإضافة للمرات الأولى لاعتقالات بمراكز الشرطة قبل أن ينتمى الى الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني (حدتو)، احد الأحزاب الشيوعية قبل أن يدخل معقل الواحات فى العام 1959م ، إذ بدأ نظام الحكم فى تلك الاعوام بحل التنظيمات للأبقاء على تنظيم واحد يسهل السيطرة عليه ، لهذا دخل ابراهيم صنع الله مع الكثير من المثقفين والأكاديميين والنشطاء و زعماء النقابات العمالية ، و الشخصيات الحزبية الى ذلك المعتقل سىء السمعة ، وذلك لاجبارهم على حل تنظيماتهم ، و الحاقهم بالعمل فى الاتحاد الأشتراكى ، والتنظيم الطليعى ، وهما من تنظيمات النظام الخاضعات لمراقبته وسيطرته عليها.

فى القسم الخاص باليوميات المدونة على أوراق أكياس الاسمنت ، والأرز ، وورق لف السجائر ، على ذلك الورق المكتوب بحبر الميكركروم سنتعرف على تجربته الكتابية ، واعماله الروائية وقصصه القصيرة ، و ملاحظاته على كتب ومؤلفين قرأ اعمالهم بتلك الفترة الصعبة من حياة صنع الله بداخل المعتقل ، عن طريق تهريب تلك الكتب وتبادلها مع رفقاء السجن .

هذه اليوميات تضم أسماء الكثير من الاعمال الروائية المولودة بالسجن كرواية الشمندورة للروائى النوبى “محمود قاسم” أو قصائد الشاعر فؤاد حداد ، أو رواية المتمردون للكاتب صلاح حافظ والتى تحولت لفيلم من أخراج توفيق صالح . كما سنقرأ حول الكثير من الاسماء الثقافية والأدبية والفكرية من تيارات مختلفة ، وسنتعرف على أساليب المعتقلين فى تهريب أوراقهم وكتاباتهم خارج السجن ، عن ايصال الأخبار والرسائل لأهاليهم ، عن تفاصيل المعيشة والحياة وسط بيئة صحراوية صعبة ، وظروف شديدة القسوة ، لاتضاهيها سوى شراسة وقساوة القائمين على ذلك المكان من سجانين و ضباط وموظفين .

هذه الكتاب شهادة تاريخية مهمة على وحشية الأنظمة القمعية فى الدول العربية ، بالإضافة لرصدها لتطورات الأساليب البوليسية فهو أى نصر الله يشير لحقوق المعتقلين فى الحصول على راديو وكتب وأوراق واقلام فى السجن ايام المملكة المصرية ، فى حين حُرموا من أبسط الحقوق أى تناول طعام نظيف ، ومكان نظيف و ايصال الرسائل والاخبار لأسرهم ايام الجمهوريات العسكرية العربية .
كتاب لا يقُرأ للتسلية ، بل لتعرف على ماوراء الشعارات الرنانة التى ترفعها الأنظمة العربية منذ حوالى ستة عقود

ذات صنع الله ..حكاية بنت ووطن ..

13323747تدور الرواية حول امرأة من الطبقة الوسطى المصرية تحمل اسم غير مألوف هو ذات ، ليصبح اسم للرواية نفسها ، حيث يصور صنع الله حياة ذات خلال عقد السبعينات والثمانينات من القرن الماضى ، فذات ولدت فى عهد عبدالناصر ، وعاشت شبابها وتزوجت فى عهد السادات وأصبحت امرأة ناضجة فى عهد مبارك ، ومن خلال استعراض حياة امرأة عادية ليس في شخصيتها شىء ملفت للانتباه ، تعيش حياتها الغارقة فى الملل والرتابة ، لتكون حكاية (ذات) هى حكاية غيرها من ملايين المصريين الذين عايشوا حقبة الانفتاح في عهد السادات ومن بعده مبارك،وما رافقها من تدهور للظروف المعيشية،وصعود للتعصب الديني.وتعرضهم للقمع والترهيب و النصب والاحتيال واستفحال الفساد على نحو مخيف ، و تحول بلادهم من قوة إقليمية مؤثرة بالمنطقة إلى مجرد بلد فاقد لاستقلاله يتسول الفتات من عدو الامس (الولايات المتحدة الامريكية) .

استخدم صنع الله إبراهيم في نصه الروائي مجموعة كبيرة من الاخبار المنشورة فى الصحف (الحكومية و المعارضة ) جاعلا منها تتقاطع مع مسار حياة (ذات) الموظفة فى ارشيف أحدى الصحف الحكومية ، هذه الحيلة الذكية ساعدت القارىء على التعرف على الجو العام الذى عاشته مصر فى تلك السنوات دون أن يثقل متن النص الروائى بتلك الأحداث العامة . 

وقد وضع الناشر تنويه على الغلاف الخلفى للرواية يوضح فيه أن الوقائع الواردة فى بعض الفصول والمنقولة عن الصحف المصرية الحكومية والمعارضة لم يقصد بإعادة نشرها تأكيد صحتها او العكس وإنما قصد به المؤلف أن يضع القارىء فى الجو العام الذى أحاط بمصائر شخصياته وأثر فى مسار حياتهم وقراراتهم .

استعمل الروائى أسلوب سلسا ً حتى ليجعل القارىء يشعر بأنه يشاهد فيلم منه لرواية ، وتحمل الكثير من المشاهد العبثية الطريفة كمحاولة (ذات) تصحيح بعض التصرفات من عنف جارهم الشنقيطى ضد زوجته سميحة ، أو الابلاغ عن علبة زيتون منتهية الصلاحية تحمل القارىء فى رحلة شاقة ومرهقة وطويلة فى أروقة مراكز الشرطة و مكاتب وزارة الصحة والمؤسسات الحكومية الاخرى لتنتهى تلك المحاولة الى الفشل والتوقف عن تكرار المحاولة المرهقة .

 صدرت رواية (ذات) للروائى المصرى صنع الله ابراهيم فى العام 1992 ،الرواية ممتعة وتستحق القراءة ، واسلوب صنع الله سلس وجذاب .

تحولت الرواية الى مسلسل عُرض فى شهر رمضان للعام 2013 حمل اسم “بنت اسمها ذات”من إخراج كاملة أبو ذكري وسيناريو وحوار مريم ناعوم، وبطولة :نيللى كريم ، وباسم سمرة ، أجرت كاتبة السيناريو تعديلا على احداث الرواية حيث جعلت المسلسل يغطى تاريخ مصر من 1952 حتى ثورة يناير 2011 ، فى حين توقفت الرواية  عند نهاية الثمانينات وبدايات التسعينات.