الدكتورة فريدة العلاقي: صورة مشرفة لنساء ليبيا

Untitledظهور اسم السيدة فريدة العلاقي من جديد على المشهد السياسي الليبي عقب تسميتها كوزيرة للخارجية فى حكومة السيد الثني، جعلتها عرضة للتساؤلات والتعليقات من المواطنين فى ليبيا ، تحولت فى جزء منها لحملات تشويه وسخرية على هذه السيدة الشجاعة المحترمة الزاهدة فى تولي مناصب عامة في الدولة الليبية، فقد اعلنتها أكثر من مرة عزوفها عن ذلك، ودعوتها للشباب للتقدم وتحمل المسؤليات،تأملت من السيدة فريدة لو اصدرت تصريح قصير موضحة رأيها فى تولى المناصب العامة فى الدولة ، خاصة فى ظل التجاذبات السياسية الحادة وكم تمنيت لو أنها نأت بنفسها عنها.

ماجعلنى اشعر بالكثير من الالم والحزن على عدم منطقية كثير من آراء الناس، المبنية على معلومات قليلة او محدودة حول هذه السيدة الرائعة، وهو ما دفعني إلى إعادة نشر مادة أولية حول السيدة فريدة العلاقي كنت قد قمت في اليوم العالمى للمرأة عام 2012 بكتابتها ونشرها عبر حسابي الشخصي في الفيسبوك باعتبارها وجه ليبي مشرق ومعروف في خارج ليبيا ولكن الغالبية العظمى من الليبيين يكادون لايعرفون عن سيرتها وتاريخها الكثير او حتى القليل، لبقائها في المنفي ضمن صفوف المعارضين لنظام القذافي طوال اربعين عام.

لقد نالت تلك المادة اعجاب السيدة هيلانة بن علي مديرة الصفحة الليبية “صوتي ليس عورة” فطلبت الإذن بإعادة النشر على الصفحة المهتمة بقضايا المرأة الليبية والعربية، فوافقت على ذلك كأداء لواجبي تجاه هذه السيدة الشجاعة، ولكني تفاجئت فيما بعد بإعادة نشرها ضمن موقع وكالة محلية تحمل اسم “الأنباء” دون الإشارة إلى الكاتبة أو مصدر المقال. والطريف أن إعادة النشر ضمنت كل الأخطاء اللغوية والإملائية وحتى ترتيب عرض الموضوع كما هو منشور على صفحتي الشخصية بالفيسبوك دون أن يتكلفوا عناء التصحيح. ورغم تعليقي في خانة التعليقات بالموقع الى تعديهم على حقي المعنوي بعدم وضع اسمي على المقال لم يجري تصحيح الامر ، بل تم تجاهلي من قبل محرري الموقع. ومع ظهور اسم السيدة فريدة العلاقي من جديد على المشهد السياسي الليبي، إثر تسميتها كوزيرة للخارجية في حكومة السيد الثني، اعُيد نشر المقال خلال الايام القليلة الماضية عبر موقع “بوابة الوسط” بنفس أسلوب الوكالة السابقة مع الابقاء على نفس الأخطاء الإملائية و اللغوية وترتيب الفقرات، المهم قررت إعادة نشر المقال كاملا بعد التصحيح والتعديل مع الاشارة لما حدث معي، رغم شعوري بالغضب والانزعاج من التصرف غير المهني و غير الأخلاقي من طرف الموقعين.

جاء اهتمامي بالسيدة فريدة بلقاسم العلاقي ضمن نشاطي بمؤسسة تبرة برئاسة السيدة هناء النعاس رحمها الله (خلال اعوام 2003-2011) وهي مؤسسة تركز على تقديم قصص نجاح لنساء ليبيات من كافة الاعمار والخلفيات، وقد استوقفني، عام 2005، خبر اختيار الدكتورة فريدة ضمن ألف (1000) امرأة حول العالم لنيل جائزة نوبل للسلام وذلك باعتبارهن من الفاعلات والمؤثرات في تحسين البيئات اللائي يعشن فيها.

 بدأت مشوراها العلمي من جامعة بنغازي، وكانت ذات حضور ملفت وسط طلاب قسمها (الفلسفة وعلم الاجتماع) حيث عرفت بثقافتها الواسعة ، وروحها الاجتماعية العالية، من هنا شكلت بين زملائها في كلية الآداب  نموذج مختلف للفتاة الليبية في تلك الاعوام. وربما ماساهم في تشكيل شخصية السيدة فريدة نشأتها في بيت يهتم بالتعليم والثقافة مما ترك أثر عميق على شخصيتها. فوالدها هو السيد بلقاسم العلاقي وزير التعليم في دولة الاستقلال، وجدها لوالدتها هو السيد مفتاح عريقيب، احد كبار تجار مدينة صرمان ومن أعيانها ،وقد تولى عديد المناصب في دولة الاستقلال أخرها رئيساً لمجلس النواب (1960). وتتحدث في لقاء صحفي حول نشأتها وتربيتها في سنوات الطفولة قائلة: ” .. منذ طفولتي كنت قريبة جدا من والدي، وقد عمل والدي وزيرا للتعليم والصناعة، وقد تشربت من والدي الكثير من القيم والمبادئ ومنها (حب الوطن)، أما والدتي فكانت امرأة قوية وذكية وشجاعة رغم انها لم تكن متعلمة الا انها مسيسة جدا ومكافحة تحثنا جميعا على مواصلة التعليم، وفي الحقيقة أدين كثيرا لوالدي ولوالدتي، وكذلك لجدتي التي عشت معها أيام طفولتي الأولى، فهؤلاء الثلاثة هم الذين ساهموا في تشكيل شخصيتي وحياتي “.

وهذه البيئة الاولى التى نمت وترعرت فيها السيدة فريدة هي التي اسهمت في توجهها للعمل مع البشر أى في مجالات التنمية البشرية والصالح العام حول العالم. وتشير الى ذكريات الطفولة حول هذا الجانب في حياتها :” .. كان مصطلح التنمية البشرية في سنوات الطفولة يعني العمل مع البشر، وهو بالنسبة لي كذلك – قبل أن يقنن بهذا التعبير – نشأ معي منذ طفولتي وأنا أشاهد والدتي وهي تعمل مع هذه الفئات أى الفقراء والمحتاجين والأطفال، ثم كنت أشاهد جدتي، فكنت دائما محاطة بالمحيط الأسري برؤية كل فئات المجتمع وكل الناس، وأعتقد أنه كانت هذه هي البداية ، وبعد ذلك – طبعا – تدرجت في تحصيلي العلمي وحياتي العملية ، وكنت ناشطة قبل زواجي في العمل الكشفي (الكشافة) الذي ورثت واستفدت منه الكثير “.

 ولاشك أن النشأة الاولى وتفتح الوعي على محيط عائلي تدور فيه بشكل يومي أحاديث السياسة والشأن العام كان له تأثير كبير على اهتمامات الدكتورة فريدة في تلك السنوات مما نمى فيها روح النضال، فأندفعت للمشاركة في المظاهرات الداعمة للثورة الجزائرية في شوارع طرابلس، واعتبرت المناضلة جميلة بوحريد مثلها الأعلى في تلك السن الصغيرة قبل دخولها للجامعة في بنغازي وتتحول الى احدى الشخصيات النسائية المطبوعة في ذاكرة طلاب واساتذة الجامعة بتلك الفترة.

تخرجت عام 1969 من كلية الآداب بجامعة بنغازي، لتسافر لاكمال دراستها في الولايات المتحدة الإمريكية حيث  نالت درجتي الماجستير والدكتوراه من ولاية (كولورادو) الأميركية في مجال (علم الاجتماع : تخصص التخطيط الاجتماعي والتنمية) عام 1980.

هذا وقد عملت الدكتورة فريدة منذ عام 1975 م في الكثير من المؤسسات الدولية والاقليمية؛ مثل عملها كمستشارة للتنمية البشرية وصياغة السياسات والتخطيط الاستراتيجي وتنمية الموارد، ثم انتقلت للعمل بعد ذلك في وكالات الأمم المتحدة كاليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والبرنامج الانمائي واليونسكو واليونيفيم ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية.

أسهمت في بداية الثمانينيات بإنشاء عدة مؤسسات وطنية واقليمية ودولية ومنظمات غير حكومية من خلال تركيزها على النساء والأطفال والشباب والفقراء والأقليات .

وقد عينت مسئولة عن مشاريع وبرامج منظمة (اليونيسيف) في الرياض عام 1981 م وبين عامي 1983-2011 م مديرة لإدارة المرأة والطفل في برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية.

 بالإضافة لعملها في المجال الدولي بالأمم المتحدة، حيث أصبحت خبيرة دولية في المنظمة الدولية للطفل التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف)، كانت لها عدة نشاطات متواصلة في بعض الجمعيات الاهلية، فساهمت في برامج الانماء وخطط التنمية المستدامة والشباب، وهي مستشارة دائمة للأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود ، كما  تعد أبرز المؤسسين لمشروع تنمية الطفولة المستدامة في الأمم المتحدة.

انضمت في العام 1991 إلى 105 من زعماء ونشطاء المجتمع المدني حول العالم لتشكيل اللجنة التنسيقية لتأسيس منظمة دولية من أجل ترسيخ قيم المواطنة والمجتمع المدني في كافة دول العالم، خاصة في بعض المناطق التي تتعرض فيها الديمقراطية والمشاركة وحرية المواطنين في العمل والتعبير للتهديد والتضييق. و تشغل حاليا منصب المدير التنفيذي لمؤسسة مينتور (العربية) وهي تتبع مؤسسة مينتور (العالمية) للوقاية من المخدرات والتي ترأسها الملكة “سيلفيا ” ملكة السويد. وقد منحت الكثير من الجوائز العربية والعالمية تقديرا لإسهاماتها في مجالات التنمية في العالم العربي وفي مختلف أنحاء العالم.

لها الكثير من الدراسات والمؤلفات العلمية باللغتين الانجليزية والعربية منها: “تفعيل المجتمع المدني العربي”، ورقة علمية في: تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2002 : خلق الفرص للأجيال القادمة، برنامج الامم المتحدة الانمائي؛ الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي ؛ و برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية، المكتب الاقليمي للدول العربية، برنامج الامم المتحدة الانمائي، 2002 م.

تعرضت السيدة فريدة للكثير من المضايقات من نظام القذافي كي تنخرط في اعمال تحت رعاية عائشة القذافي في الاعوام الأخيرة قبيل الثورة، بالإضافة لتعرض زوجها الدكتور فيصل الزقلعي لمحاولة اغتيال على يد قاتل مأجور في بيتهم في الولايات المتحدة الامريكية بدايات الثمانينات عندما أطلق القذافي حملة للتصفية الجسدية ضد المعارضين الليبيين بالخارج، وقد تسبب اطلاق النار الذي تعرض له الدكتور الزقلعي خسارته إحدى عينيه ، كما دفعت ثمن معارضتها للنظام بحرمانها من تربية ابنتها التى تصادف ان تركتها برعاية والدها ووالدتها أثناء اكمالها لدراستها العليا لنيل درجة الدكتوراه فى الولايات المتحدة الامريكية ومع انخراطها فى أعمال المعارضة بالخارج ، لم يسمح لها نظام القذافى لمدة ست عشر عاما أن تحضر ابنتها لتعيش معها خوفا ً على سلامة اسرتها بليبيا فكانت تلتقى معها مرة فى العام لمدة شهر أثناء اجازة يقضيها والداها فى اوربا مصطحبين الابنة التى كبرت بعيدا عنها كل تلك السنين.

الدكتورة فريدة كانت معارضة منذ عهد المملكة، مقتبسة نهج جدها السيد مفتاح بوعريقيب الذى عُرف كنائب في البرلمان الليبى  بمعارضته للحكومات الليبية، وشدة حرصه على المصلحة العامة، ويصفه الدكتور شكرى السنكى قائلا :” ..كان عريقيب مهتماً بشئون دينه اهتماماً كبيراً.. ومهتماً بشئون النَّاس ومدافعاً صلباً عن مطالبهم.. وكثير الإطلاع والقراءة، تميز بمقدرته في إثراء النقاش وطرح الأسئلة الهامـّة. حمل السّيّد مفتاح عريقيب هموم النَّاس ومطالبهم، وضع عريقيب شكوى المواطنين وتظلّماتهم على سلم أولويات عمله كنائب، وكان من أبرز ممثّلي الشّعب الذين أثاروا تظلّمات المواطنين بشأن أراضيهم المغتصبة من الطليان في البرلمان الجديد”. فكانت تنتقد الحكومات الليبية في عهد المملكة  بروح  وعقل شابة تنتمي لجيل طليعي في ليبيا بتلك السنوات، وبعد انقلاب القذافي ومع اكتشافها لحقيقة النظام الجديد تحولت لصفوف المعارضة الشابة أنذاك من طلبة الجامعات الليبية فشاركت مع رفاق لها في تأسيس اتحاد الطلبة الليبي المعارض، ثم التجمع الليبي الديمقراطي كحزب معارض.

ساهمت الدكتورة فريدة مع اندلاع ثورة 17 فبراير في تنظيم المظاهرات والاعتصامات وممارسة الضغوطات على جامعة الدول العربية بشأن قرار الادانة للنظام القذافي، وظلت تجمع التبرعات وتتحدث لوسائل الاعلام للتعريف بالمجلس الوطني الانتقالي في ايامه الاولى معرضة حياتها وحياة أسرتها للخطر.

رغم بلوغها الستين من عمرها لاتزال الدكتورة فريدة في قمة نشاطها وحيويتها  ، تقود مشاريع لصالح الشباب والاطفال والنساء في ليبيا بعد ثورة فبراير، فهي صاحبة خبرة في مجال المجتمع المدني وحقوق الانسان، ولهذا تتمتع برؤية انسانية لتحقيق التواصل بين أبناء الوطن الواحد، كذلك بين مواطني المنطقة العربية ونظرائهم في مناطق أخرى من العالم، وقد أسست مع أخريات المنتدى الليبي للمجتمع المدني بعد ثورة فبراير.

كما عملت الدكتورة فريدة دائما على نشر وتعزيز قسم التسامح والتفاهم والحوار بين مختلف الثقافات والأديان والجماعات المختلفة .

تركز الدكتورة فريدة على أن النقد البناء والفعال هو دور المواطنة الحقيقي، وأهمية دور وسائل الاعلام والقضاء في مواجهة أمراض الناجمة عن نظام فاسد إذ تعتبر بحسب رأيها :” أكبر ضمانة يجب التركيز عليها هي القضاء والإعلام، فإذا تمكنا من خلق سلطة رابعة من الإعلام تراقب وتلاحق وتقيم وتعري وتكشف وتحارب الفساد، نكون قد انجزنا أمراً في غاية الأهمية، وبالطبع سنكون جاهزين لشكر من يحمي ليبيا، ونحن مستعدون لكشف كل من يحاول الاستمرار في الفساد والسرقة “.

 السيدة فريدة انسانة متوازنة وموضوعية في آرائها وافكارها فهي ترفض “فوبيا” وصول التيارات الاسلامية إلى الحكم، كما أنها راضية عن كل من يتسلم الحكم سواء كانت أطرافاً اسلامية أو علمانية شرط أن تجري الانتخابات بشكل ديمقراطي، إذ ترى “أن المهم بأن يشعر المواطن الليبي أن الانتخابات غير مسروقة وغير فاسدة، فالشعب الليبي هو الذي يختار ممثليه، وهو لم يشعر بالحرية والديمقراطية ولم يعبر عن رأيه منذ 42 سنة “.

ولكنها مع التشديد على ضرورة الحوار بين أطياف ومكونات المجتمع الليبي، فهي تنادي دائما  بـ “الحوار سنصل إلى ليبيا المستقبل” ، فهي تقول :” … ليس لدينا أي مخرج من هذا المأزق الذي نحن فيه إلا بالحوار، هناك تجارب لدولة معقدة، فهناك دول أصعب منا بها طوائف وأحزاب و”تشكيلات ” واستطاعت أن تجلس على طاولة وتتحاور”.

وان كانت لاتخفي مخاوفها من المرحلة التى وصل إليها المجتمع الليبي من تنامي العنف دون العمل بجدية ومثابرة على جلوس الليبيين للتحاور و التواصل حول مخاوفهم و مايريدون تحقيقه، وترى أن الانانية والغاء جهود وادوار البعض هي عامل مهم في تعطيل او افشال أي مبادرة للحوار الوطني ففي مقابلة صحفية معها في شهر يونيو من عام 2014 تقول :”..إن ما يخيفني في هذه المبادرات هذه ’الأنا’ المتضخمة والجميع يريد أن يتسابق حول من يقول (أنا بدأت ..وأنا من بادرت ..وأنا من فكرت) هذه ’الأنا’ يجب أن نتخلص منها وأن تدفن وأن يتواضع الجميع، فالحوار الوطني والميثاق بدأ منذ سنة 2011 والحوار الوطني بدأ في مصراتة حين تداعت خمسة آلاف منظمة مدنية للحوار – مثلا- لهذا علينا أن نبحث عن الجهود السابقة ونأتي بكل من بدأ في السابق، وأن نضيف لهم كل من بدأ في الحاضر وجمع هذه الأفكار والجهود، إذا كان الجميع يحب ليبيا ويعقل من أجل ليبيا وألا يحب نفسه ويسعى لتلميع نفسه لكي يصل إلى شيء ما “.

وعن رأيها حول دور الشباب في بناء الاوطان فهي تنادي بضرورة اشراكهم بشكل جاد وفعال في تحمل المسئوليات وتقديم الدعم والمساندة لهم “علينا العمل بتفاؤل وأمل وجدية لبناء الجسور المتينة بين مختلف الفئات، من خلال إبراز المواقع الشبابية إلى الأمام، والسير بدقة وتوازن لتحقيق الحلم” .

اتمنى الا ينسى الليبيون وألا يجحدوا ما قدمته الدكتورة فريدة من صورة مشرفة للمرأة الناجحة الليبية ودورها حول العالم في مجالات الطفل والتنمية. إختلاف الأراء والإجتهادات يجب ألا تقودنا إلى الجحود والنكران وعدم التقدير، قليل من الإنصاف في التعامل من مصلحتنا جميعا.

المراجع:

  • – محمد أحمد عبد القادر،مقال” بطالة الشباب بين واقع العجز العربي وإشكالية التمويل الغربي”،منشور على موقع البى بى سى العربى بتاريخ 26 أغسطس 2005.
  • – د.شكرى السنكى من مقال العهد الملكى – رجال حول الملك (9من9) ، منشور على موقع ليبيا المستقبل بتاريخ 1/7/ 2009.
  • – ناصر الدعيسى ، مقال “فريدة العلاقى” منشور على موقع جيل الليبى بتاريخ 19 /2010/5.
  • – ربيعة بن صباح الكواري ، لقاء صحفي بعنوان ” عضو مجلس أمناء مؤسسة مينتور العالمية للوقاية من المخدّرات .. المفكرة الليبيـّة د.فريدة العلاقي” منشور بتاريخ  29/7/2011.
  • –  المحرر، مقال “نضال امرأة ” منشور بموقع مانشيت،بتاريخ 10 أبريل 2012.
  • – فتحية الجديدى ، لقاء صحفي  بعنوان ” الناشطة الحقوقية الليبية* د. فريدة العلاقي لفبراير لابد أن نقوم بثورة فكرية حقيقية ” ، منشور على موقع صحيفة فبراير الليبية ، بتاريخ 15 يونيو 2014

إيلانى ..كتاب يروى مأساة أم خلال الحرب الأهلية اليونانية

indexيتناول هذا الكتاب “إيلانى” قصة حقيقية حدثت أثناء ومابعد الحرب العالمية الثانية ،لأم يونانية ضحت بحياتها لانقاذ اطفالها من عبثية الحرب ، حيث يروى لنا “نيكولاس غاتزويانيس” مراسل النيويورك تايمزِ مأساة أمه “إيلاينى” . ففى أثناء الحرب الأهلية اليونانية مابين( 1946 – 1949 ) بين الجيش الحكومي اليوناني (المدعوم من الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا) وجيش اليونان الديمقراطي الجناح العسكري للحزب الشيوعي اليوناني (المدعوم من بلغاريا ويوغوسلافيا وألبانيا) التى اشتعلت بين الطرفين نتيجة لصراع الاستقطاب بين اليساريين واليمينيين الذي بدأ في عام 1943 ذلك بعد حصول فراغ فى السلطة نتيجة لدحر الاحتلال الألماني الإيطالي خلال الحرب العالمية الثانية عن الاراضى اليونانية .

اعُتقلت “إيلانى غاتزويانيس” فى العام 1948 بعد أن نجحت فى تهريب أطفالها الخمسة من قبضة المقاتلين اليونانيين من الشيوعيين ممن سيطروا على النواحى التى تقع فيها قرية “ليا” الجبلية التى تنتمى إليها إيلانى واسرتها ، وكانت تهمة إيلانى تهريب أبنائها فحُكم عليها بالاعدام بعد أن تعرضت لابشع أساليب التعذيب المعروفة أنذاك ، ثم أُطلق عليها النار أمام أهل قريتها بهدف بث الرعب والذعر فى قلوبهم لكى لايحذون حذوها فى عدم ارسال أطفالهم لمعسكرات الشيوعيين فى دول الستار الحديدى أى يوغسلافيا و بلغاريا بهدف تدريبهم وإعدادهم عقائديا يدينون بمبادىء الشيوعية .

تقول احد القرويات عن أخر لحظات الام “إيلانى” أنها سمعت صوت صرخة تجمدت أوصالها لهولها وكانت (ياأولادى) آخر كلمات “إيلانى”.

لقد حاول “نيكولا” من خلال كتابه استعادة سيرة والدته ومأساتها من خلال القيام برحلة الى موطنه الأم بقرية “ليا” الجبلية باحثا عن الحقيقة وكيف قضت والدته الايام والساعات الاخيرة ، وعن البحث على القاتل للقصاص منه.

في عمر التاسعة إنضم “نيكولاس غايج” لآبيه “خريستوس اليونانى ” المقيم فى ماساشوستس حيث يعمل فى التجارة ، و عاش نيكولا لسنوات طويلة تلاحقه ذكرى والدته وعذاباتها ومصيرها ، فقرر العودة للمرة الأولى الى اليونان فى زيارة فى العام 1963 ، ثم عاد ليحضر مأتم جدته “ميغالى” ، ليقرر بعدها فى العام 1977 أن يظل فى اثينا كمراسل لصحيفة (النيويورك تايمز) ، فى تلك الفترة قصد قريته “ليا” بضع مرات فوجدها قد تحولت الى أطلال بعد هجرة معظم سكانها منها ، وبقاء بضع مئات من المتقدمين فى السن ، فقرر “نيكولا” تحت دوافع عاطفية تعتمل فى إعماقه بوضع برامج لإعادة إحياء القرية من خلال تأسيس جمعية تقدم تبرعات سخية للقرية بهدف اقام مشاريع تجارية تساهم فى عودة شباب القرية للبقاء والعمل فيها بعد هجرتهم للمدن الكبيرة .

يقول نيكولا عن ذلك :” كنت أحاول على نحو غير واعى ، إقامة نصب لأمى لايستطيع أحد هدمها ، فالمشاريع التى سعيت إلى تحقيقها هى خير شاهد على حياة أمى وتعنيف لأولئك الذين خانوها فأخفقوا فى القضاء على إيلانى غاتزويانيس واولادها”.

كانت لدى “نيكولا” رغبة كبيرة فى معرفة مصير قتلة والدته ، وتجددت تلك الرغبة بعد معرفته ان احد المجرمين مات من غير أن تتاح له فرصة تعقبه ، و القاضى المتورط فى قضية والدته المدعو “كاتيس” لايزال على قيد الحياة ، وتزامن ذلك مع الترخيص للحزب الشيوعى فى اليوان عام 1974 ورفع الحظر عن جميع الجرائم التى ارتكبها مقاتليه فى سنوات الحرب الاهلية ، وعودتهم الى اليونان ليروو أخبار الحرب كما يشاؤون جاعلين من قادة الحركة الشيوعية أبطالا شعبيين ، فقرر التفرغ لقضيته الشخصية فقدم استقالته ، ثم حصل على مسدس هربه مع مقتنياته الشخصية التى أدخلها لليونان .

ويقول نيكولا :” كلما سألت أحد من الطلاب المتحمسون للحزب الشيوعى عن حملة جمع الأطفال وفصلهم عن أسرهم ، وحملات إعدام المدنيين والفظاعات الأخرى التى ارتكبها المقاتلين الشيوعيين خلال الحرب ، كان يهز رأسه ساخرا ً من جهلى ثم يشرح بثقة أن تلك الأمور لم تحصل ابدا”.

فقد سعى مقاتلى جيش اليونان الديمقراطى من خلال حملات منظمة ، محو ذكرى الافعال الشنيعة من ضمائر اليونانيين ، ولهذا عمل “نيكولا” على تدوين تلك السيرة ليس من أجله ومن أجل ذكرى والدته وباقى افراد اسرته ، إنما لتنوير الجيل اليونانى الذى تلا الحرب والذى لم تتسنى له معرفة كافة ملابساتها .

فأسفرت مساعى “نيكولا” عن التحقيق مع 400 شخص ، بينهم القرويين و الجنود الذين حاربوا مع الطرفين فى فترة الحرب الأهلية ، حيث أخذته التحريات فى طول اليونان وعرضها ، فضلا عن بريطانيا وكندا وبولونيا و المجر و تشيكوسلوفاكيا حيث تجمع لديه قطع المكونة لقصة والدته تتجمع قطعة قطعة .

يقول نيكولا عن لحظة انجازه لكتابه :”لقد عرفت أمى كما كانت حقا ً، بعيدا ً عن ذكريات الطفولية المحدودة ، فهى كانت امرأة ريفية عادية مليئة بالشكوك والمخاوف والمعتقدات التى غرستها فيها تربيتها ، ولكن ما إن رأت خطر الابادة يحيق بعائلتها حتى تكشف لها فى إعماق ذاتها رؤية واضحة لما تريد وقوة كافية لتحقيقه “.

بعد حصول “نيكولا” على كافة تفاصيل ماجرى فى تلك السنوات وماتأثيرها على حياة اسرته ، قرر البحث عن القاضى الثورى الذى حكم بالاعدام على والدته بتهمة رفض ارسال ابنائها لمعسكرات الشيوعيين ليتحولوا لمقاتلين فى صفوف الشيوعيين، فعرف بأن “كاتيس” موجود فى بلدة “كونيتسا” فسافر اليه حيث استطاع الوصول لعنوان بيته ،وقام بزيارته بصفته صحفى يحاول الحصول على معلومات حول ممارسات الجيش الديمقراطى الشعبى ، وماقام به هو شخصيا من محاكمات واعدامات لمدنيين ، وينكر “كاتيس” مشاركته فى تلك الجرائم ضد مدنيين ولكن نيكولا يواجهه بكل مايملك من معلومات فيطرده “كاتيس” من بيته ، فى اللحظة التى تسمع زوجته وابنته الشابة عما اقترفه من جرائم من “نيكولا” الذى اصُيب بهستيريا فأخذ يصرخ بصوت مرتفع فاضحا ً “كاتيس” أمام اسرته ، يقرر “نيكولا” عدم الاكتفاء بذلك ، إنما يرى ضرورة القصاص من قاتل وادلته عبر تنفيذ حكم بالموت عليه باطلاق النار من المسدس الذى يحمله ، فيتحين الفرصة عندما يجد “كاتيس” وحيدا فى بيته الصيفى فيدخل شاهرا ً مسدسه المحشو ويصوب على رأس قاتل امه ثم يقرر التراجع فى أخر لحظة ، ويقول نيكولا حول سبب تراجعه :” أعرف أن الخوف اوقفنى عن ذلك ، خوف الانسلاخ عن اولادى ، وفتح مسلسل الثأر جيلا بعد جيل ، ولكن دافعا ً أخر وهو فهم حقيقة أمى التى اكتسبته من امتحانى لحياتها ، أجل ففى كشفى عن جوانب تلك الحياة عرفت شيئا ً من كلماتها الأخيرة وهى على عتبة الموت ، فعندما أدخلت انجليكى بوتساريس لمواجهتها فى اليوم السابق لاعدامها ، لم تتكلم امى عن آلامها وعذابها ، بل قصرت الكلام على شوقها إلى معانقة أولادها مرة أخيرة ، وقد وجدت الجرأة لمواجهة الموت لأنها أدت واجبها تجاه من أحبت”.

يقدم لنا الكتاب إلى جانب حكاية الأم إيلانى، عرض لتاريخ الحرب الأهلية من وجهة نظر انسانية تتضمن تأثيرات مثل هذه الصراعات المدمرة على نسيج المجتمعات ، وعلى أرواح الناس، ويسرد لنا “نيكولا” الكثير من المعلومات حول العادات والتقاليد وافكار المجتمع اليونانى ، والممارسات والعقائد الدينية ، وأدوار النساء فى المجتمع اليونانى .

قراءة هذا الكتاب بصفحاته 480 أشبه بمعايشة تجربة مؤثرة ، ومؤلمة فى الوقت ذاته فالكاتب يستخدم أسلوب جميل وسلس فى سرد تفاصيل الحكاية ، رابطا التاريخ السياسى لليونان بالتاريخ الشخصى لاسرته وقريته الصغيرة ، وتأثير الحرب والصراعات السياسية على حياة الناس البسطاء ، وماتصيب ارواحهم من تشوهات نفسية ، وكيف يتحولون الى اعداء رغم انتمائهم لوطن واحد ، أثناء قرائتى للكتاب كنت اتوقف وافكر فى ماوقع من اقتتال بين ابناء الوطن الواحد فى بلدى ، وكيف نجح دكتاتور يحكم باسم إيديولوجيا عقيمة فى استعداء الاخوة وابناء العموم ضد بعضهم البعض، وماجرى ويجرى الآن من استقطاب حاد من دول خارجية بمساعدة من ضعفاء النفوس من أبناء هذا الوطن من أجل توسيع التمزقات فى جسد الوطن وتعميق الخلافات والصراعات التى تترك بآثار لن تمحى بسهولة من الذاكرة ، واتسائل هل سنقرأ كتب توثق تجارب الناس العاديين بمنتهى الصدق والدقة مع قدر من الحيادية لما حدث خلال شهور الثورة والحرب فى بلدى .الأم إيلانى و بناتها الاربع وابنها الوحيد نيكولا مع الجدة                                              الأم إيلانى و بناتها الاربع وابنها الوحيد نيكولا مع الجدة                                                                                                        بيت أسرة غاتزويانيس بقرية إلبا اليونانية                                                              بيت أسرة غاتزويانيس بقرية إلبا اليونانية

الجبال المحيطة بقرية إلبا فى شمال اليونان                                                  الجبال المحيطة بقرية إلبا فى شمال اليونان

حديقة بيت إيلانى فى قريتها الجبلية                                                                حديقة بيت إيلانى فى قريتها الجبلية                                

ذات صنع الله ..حكاية بنت ووطن ..

13323747تدور الرواية حول امرأة من الطبقة الوسطى المصرية تحمل اسم غير مألوف هو ذات ، ليصبح اسم للرواية نفسها ، حيث يصور صنع الله حياة ذات خلال عقد السبعينات والثمانينات من القرن الماضى ، فذات ولدت فى عهد عبدالناصر ، وعاشت شبابها وتزوجت فى عهد السادات وأصبحت امرأة ناضجة فى عهد مبارك ، ومن خلال استعراض حياة امرأة عادية ليس في شخصيتها شىء ملفت للانتباه ، تعيش حياتها الغارقة فى الملل والرتابة ، لتكون حكاية (ذات) هى حكاية غيرها من ملايين المصريين الذين عايشوا حقبة الانفتاح في عهد السادات ومن بعده مبارك،وما رافقها من تدهور للظروف المعيشية،وصعود للتعصب الديني.وتعرضهم للقمع والترهيب و النصب والاحتيال واستفحال الفساد على نحو مخيف ، و تحول بلادهم من قوة إقليمية مؤثرة بالمنطقة إلى مجرد بلد فاقد لاستقلاله يتسول الفتات من عدو الامس (الولايات المتحدة الامريكية) .

استخدم صنع الله إبراهيم في نصه الروائي مجموعة كبيرة من الاخبار المنشورة فى الصحف (الحكومية و المعارضة ) جاعلا منها تتقاطع مع مسار حياة (ذات) الموظفة فى ارشيف أحدى الصحف الحكومية ، هذه الحيلة الذكية ساعدت القارىء على التعرف على الجو العام الذى عاشته مصر فى تلك السنوات دون أن يثقل متن النص الروائى بتلك الأحداث العامة . 

وقد وضع الناشر تنويه على الغلاف الخلفى للرواية يوضح فيه أن الوقائع الواردة فى بعض الفصول والمنقولة عن الصحف المصرية الحكومية والمعارضة لم يقصد بإعادة نشرها تأكيد صحتها او العكس وإنما قصد به المؤلف أن يضع القارىء فى الجو العام الذى أحاط بمصائر شخصياته وأثر فى مسار حياتهم وقراراتهم .

استعمل الروائى أسلوب سلسا ً حتى ليجعل القارىء يشعر بأنه يشاهد فيلم منه لرواية ، وتحمل الكثير من المشاهد العبثية الطريفة كمحاولة (ذات) تصحيح بعض التصرفات من عنف جارهم الشنقيطى ضد زوجته سميحة ، أو الابلاغ عن علبة زيتون منتهية الصلاحية تحمل القارىء فى رحلة شاقة ومرهقة وطويلة فى أروقة مراكز الشرطة و مكاتب وزارة الصحة والمؤسسات الحكومية الاخرى لتنتهى تلك المحاولة الى الفشل والتوقف عن تكرار المحاولة المرهقة .

 صدرت رواية (ذات) للروائى المصرى صنع الله ابراهيم فى العام 1992 ،الرواية ممتعة وتستحق القراءة ، واسلوب صنع الله سلس وجذاب .

تحولت الرواية الى مسلسل عُرض فى شهر رمضان للعام 2013 حمل اسم “بنت اسمها ذات”من إخراج كاملة أبو ذكري وسيناريو وحوار مريم ناعوم، وبطولة :نيللى كريم ، وباسم سمرة ، أجرت كاتبة السيناريو تعديلا على احداث الرواية حيث جعلت المسلسل يغطى تاريخ مصر من 1952 حتى ثورة يناير 2011 ، فى حين توقفت الرواية  عند نهاية الثمانينات وبدايات التسعينات.

عشق الصباح بأنامل رافى شنكر أسطورة الموسيقى الصوفية الهندية..

MI0000950869موسيقى آلة السيتار* الهندية هي من الأنواع الموسيقية التي تلامس الوجدان وتحرك المشاعر بنعومة … تسمعها فتحس أنها تنقلك إلى مكان وزمان مختلف…فهى موسيقى ذات بعد صوفى ، تأملى ، ينعكس من خلال رنينها النغمى الهادىء…أول مرة سمعت فيها موسيقى رافى شنكر Ravi Shankar (1920- 2012) أسطورة السيتار الهندى كانت منذ سنوات فى صيف لندنى تحت سماء غائمة ، يومها حملتنى أنامل شنكر وهى تعزف آلة السيتار بعيدا عن هذا العالم ، بعيدا عن كل ماكنت فى حينها اقاوم الاستسلام امامه ..

يعتبر رافى شنكر واحد من أهم عازفى آلة السيتار الهندية فى العالم ولد فى العام 1920 وانحدر من عائلة موسيقيين معروفين فى الهند ،وتتلمذ على يد الموسيقار الهندي بابا علاء الدين خان احد مؤسسي الموسيقى الهندية الكلاسيكية، و قدم عرضه الاول فى العام 1939حيث لاقى نجاح كبير للأسلوبه المختلف آنذاك فى العزف على هذه الآلة التقليدية فموسيقاه رغم جذورها التقليدية، الا انها امتازت بروح التجديد والابتكار، مما جعل العروض تنهال عليه لكتابة موسيقى تصويرية  للافلام الوثائقية واغانى الاعمال الاستعراضية والافلام الهندية والعالمية، ولعل موسيقى فيلم غاندى اشهر اعماله فى السينما.

وقد أسهم شنكر في التعريف بآلته عالميا حيث كانت باريس اول محطات انطلاقته العالمية فى ثلاثينات القرن العشرين حيث قدم عروض موسيقية على آلته التقليدية بمصاحبة عازف الطبلة الهندي باديت شاتور لال .

كما استطاع شنكر تطوير قدرات آلته التقليدية من خلال احتكاكه بتجارب موسيقية مختلفة ومشاركته فى مشاريع  موسيقية عالمية مع عدد من مشاهير الموسيقيين من الشرق والغرب مثل عازف الفيولين الشهير الأمريكي اليهودي مناحين Menuhin الذي التقى مع شنكر في أحدى الحفلات الكبرى في قاعات البرت هول في لندن حيث عزفا سوناتا شهيرة أطلقا عليها اسم ” الشرق يقابل الغرب West meets east ، كما ساهمت جولاته فى اوربا والولايات المتحدة الامريكية فى فترة الستينات لانتشار موسيقاه بشكل اكبر ، جعلت فريق شهير كالبيتلز يدخل نغمات آلة السيتار ضمن أحد اغانيه نورفيجين وود (1967)، بالاضافة الى أداء رافى شنكر على آلة السيتاركونشيرتوا Raga mala مع اوركسترا لندن السمفوني  خلال عقد الثمانيات من القرن الفائت ، و مشاركة عازف الفلوت  الفرنسى جان بيار رمبال  Jean-Pierre Rampal  فى عزف مقطوعة تحمل اسم عشق الصباح  Morning love.

يكاد يكون رافى شنكر اكثر موسيقار هندى نال تكريما ً فى بلده و أنحاء العالم ، كما تحصل على العديد من الجوائز العالمية.

مقطوعة عشق الصباح  Morning loveمن خلالها يمكن أن نلاحظ اسلوب مختلف فى الاداء بين آلة السيتار التى تعتمد على الارتجال فى اوقات كثيرة ،بينما ينحدر عازف الفلوت هذا من تقليد أوروبي يتقيد بحرفية النص الموسيقي، هذه المقطوعة من بين اعمال شنكر المفضلة لدى إذ أحب سماعها مغمضة العينين ، تتسلل الموسيقى للزوايا العميقة من روحى ، فتثير شعور هو مزيج من الحنين والبهجة لأماكن ،وارواح ، وقيم تكاد تُنسى فى عالمنا المادى جداا..

* آلة السيتار وهي آلة وترية تقليدية يعود تاريخ ظهورها الى القرن السادس عشر ، تعود فى اصولها الى بلاد فارس قبل ان يرثها مغول الهند وتصبح احد آلات الاساسية فى موسيقاهم ، وتتكون من سبعة اوتار  الى جانب 13 وترا اضافيا غير ضرورية عند العزف و تستخدم غالبا عند الارتجال و هي شبيهة الشكل بالعود لكنها اكبر حجما و اطول عنقا و عادة يستخدم العازف ريشة معدنية يلبسها على ابهامه و مثل بقية الالآت في  التخت  الهندي يقعد العازف على الارض  متربعا ممسكا بآلته  و ذلك تقليد  لا يزال باقيا عند تقديم العروض الموسيقية او تسجيل المعزوفات .

المراجع:موقع الموسيقارhttp://www.ravishankar.org، وموسوعة الوكيبيديا.

السيدة حميدة العنيزي رائدة في تعليم البنات الليبيات

407991_10150663497925931_1270769561_nاجتمعت في عصر السيدة حميدة العنيزي عديد الصراعات السياسية والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية ما جعله عصرا صعبا على الرجال قبل النساء، فالسيدة حميدة محمد طرخان المولودة في العام 1892م بمدينة بنغازي سافرت في بعثة دراسية من قبل الحكومة التركية آنذاك في العام 1911م إلى اسطنبول للدراسة في معهد المعلمات هناك، حيث نالت شهادة الراشدية، ثم نالت دبلوم المعلمات بتفوق، الأمر الذي دفع بإدارة المعهد الذي درست به لاختيارها لبعثة دراسية متقدمة بفرنسا، إلا أن والدها رفض هذه الفكرة أساساً، كما رفضت تعيين الحكومة التركية آنذاك لها كمعلمة بإحدى المدراس، وطلبت العودة إلى أرض الوطن خاصة مع استقرار الأوضاع بشكل نسبي، حاملة لمجتمعها المحافظ أفكارا تنويرية جديدة اعتنقتها خلال إقامتها بتركيا، التي شهدت تغييرات شملت نواحي الحياة آنذاك .

 وترجح عودة السيدة حميدة إلى بنغازي في العام 1915م بعد قضائها خمس سنوات باسطنبول. ولا نعرف الكثير عن دورها في الحياة العامة بمدينة بنغازي فى تلك الفترة لعدم توفر روايات عن تلك الفترة، وربما كانت تقضي وقتها في قراءة ما يتوفر من كتب باللغات التي أجادتها ومنها التركية والفرنسية واليونانية، ثم الإيطالية التي انهمكت في تعلمها، بالإضافة لتحسين لغتها العربية على يد رجل دين .

وعندما أخذت أحوال سكان بنغازي في التحسن نسبياً في السنوات التي أعقبت معاهدة أوشي لوزان فوجئ الناس بحدوث كارثة كبيرة هزت أعماقهم، وهي ظهور وباء الطاعون بكل معقباته منذ بداية العام 1914م ثم انحساره، وعودته للظهور مجدداً عامي 1917 و 1922م، ويذكر بعض المعمرين الذين عايشوا تلك الفترة أن الإصابات والوفيات كانت كبيرة، وقد دفع الفقر والضيق والمرض واستبداد العدو بالسكان ليزيد ترابطهم وعطفهم على بعضهم البعض.

وقد ترك المرض أيتاما من البنات والأولاد بدون أسرهم، مما دفع السلطات الحاكمة آنذاك لجمع البنات اليتامى ووضعهن في بيت بشارع الكوافي، وأوكل للآنسة حميدة طرخان العنيزي بالإشراف عليهن حسب رواية السيد عمران المصري. وتذكر السيدة أمينة بن عامر في كتابها عن السيدة حميدة قيامها بتعليم البنات تطوعاً في بيتها في الأعوام 1917 و 1918م. والأرجح هو قيامها بالإشراف على بيت البنات اليتامى لمشاعرها الفياضة، وتفاعلها مع الناس وإحساسها بمعاناتهم، ففي تلك الظروف الصعبة من وباء يحصد الأرواح وجفاف يضرب البلاد وموجات جراد تتلف المحاصيل، كان تعليم البنات آخر همَ الليبيين، ولكفاءتها وائتمارها بحوافز الضمير الحي وتقديس الواجب، فقد شغلت مكانة مرموقة في قلوب الناس. مما أهلها فيما بعد للعب دور مؤثر في التعليم بالمدينة.

ربما استمرت في تقديم رعايتها لبنات اليتامى حتى عام 1920م حيث تزوجت من السيد عبد الجليل العنيزي، وهو ضابط ليبي سابق في الجيش التركي، والذي ستحمل لقب أسرته حتى وفاتها. وبتشجيع من زوجها المثقف المستنير قياساً على عصره وافقت على افتتاح أول مدرسة ابتدائية للبنات بناءً على طلب السلطات آنذاك من قريب زوجها السيد عثمان العنيزي فقامت بذلك العمل الصعب في وقت سادت فيه مفهوم العقلية المتخلفة لدى الرجل الليبي في نظرته إلى المرأة، فهي أقرب لأن تكون من الحريم والجواري تقبع خلف الجدران مسلوبة الإرادة ممنوعة من الخروج، إذ سلبتها التقاليد كل إنسانيتها وحقوقها الصريحة التي أثبتها لها الدين الاسلامي . 

وفي تصريح لها في تلك المرحلة الصعبة في مقابلة معها بإحدى المجلات تقول:”.. كان مجرد إقدامي على العمل وقتذاك هو في حد ذاته نضال، إذ واجهتني صعوبات وصعوبات، منها التقاليد، والاستعمار، وقد حوكمت من أجل هذه الرسالة بتهمة أنني أعلم البنات في بيتي. ومن هنا يظهر مدى الكبت والضغط والظلم الذي كنا نعانيه من المستعمر. تصوري أن التعليم كان يعتبر في نظرهم جريمة يحاكم عليها..”.

كما تشير لدور زوجها في ذلك:”.. وبالرغم من هذا واصلت رسالتي، وقد وجدت التشجيع من زوجي الذي استطاع أن يقنع والدي في أن يسمح لي بالعمل، ولازلت أتذكر أول فوج من بناتي اللاتي درستهن وهن كريمات الساقزلي”.

كان المقر بمدرسة البنات للتعليم والعمل بشارع عثمان بحيح، واحتوى برنامج الدراسة على مدة خمس سنوات، ففي السنة الأولى كانت ذات طبيعة إعدادية، وباقي السنوات عادية، متضمنة موادا دراسية كالآتي: القرآن والدين والاخلاق، اللغة العربية واللغة الايطالية والحساب، دراسات عامة مثل التاريخ والجغرافيا والاقتصاد المنزلي والصحة والتدبير.

 ويشير بيكيولي بأن تدريس هذا البرنامج قد أنيط باثنين من المدرسات العربيات الجيدات حميدة العنيزي، والسيدة بديعة فليفله. ووصل عدد التلميذات بهذه المدرسة لحوالي 48 تلميذة. ولأن السلطات الايطالية في ذلك الوقت لم يكن في نيتها التخلي عن هدفها المفضل في التغلغل الثقافي وسط المجتمع الليبي، لذا لم تكن عملية التعليم بالعملية السهلة وقتها بالنسبة للسيدة حميدة، فالمدرسات الايطاليات كن يتربصن بها خوفاً من مواقفها القوية، فإخلاصها دفعها للتركيز على تدريس اللغة العربية، بل وتهريب كتاب المطالعة الرشيدة الذي يأتي من مصر لتطالعه التلميذات في بيوتهن .

لعل أبرز من تخرج من مدرستها في تلك الفترة كانت الآنسة خديجة الجهمي عام 1936م مع مجموعة بنات كن النواة لتأسيس نهضة تعليمية نسائية، فإنخرط أغلبهن في مجال التدريس فيما بعد، منهن السيدة حميدة بن عامر، والسيدة فاطمة بن غلبون، والسيدة فريحة طرخان، والسيدة نورية الأزرق. كما كان من المتخرجات من المدرسة نواة أولى لممرضات ليبيات ومن بينهن إبنتي أخيها.

وبتطور الحياة الطبيعية ما بين أعوام 1923 و 1929م حافظت الأسر الليبية على أسلوب حياتها وعاداتها وتقاليدها، إذ ظلت القيود على تعليم الفتاة تثقل كاهلها وتحد من انطلاقتها، مما دفع بالسيدة حميدة العنيزي لاعتناق قلمها، والمساهمة في تنوير مجتمعها بأهمية تعليم البنات من خلال الكتابة في مجلة ليبيا المصورة، بل وتشجيع تلميذاتها على الكتابة عبر صفحاتها.

وتقول السيدة حميدة عن تلك المرحلة: “كان كل همي أن أرى التعليم ينتشر بين الليبيات، ولقد عملت كل ما في وسعي لتشجيع هذه الحركة”.

فقد كتبت على صفحات مجلة ليبيا المصورة تخاطب أولئك الاباء: “..وأنتم أيها الآباء أناشدكم الله أن تتدبروا في مستقبلهم بناتكم، فلا تكونوا من المتعصبين الذين يحولون دون تعليم بناتهم فيقضون بحرمانهم من أهم أسباب الحياة. ومن الحقائق المسلمة الآن أن المرأة هي المدرسة الأولى لأفراد النوع الانساني، وفي هذه المدرسة يأخذون المبادئ التي لا يمحى أثرها طول الحياة. فإذا كانت المرأة متعلمة فلا شك أنها ستربي أولادها تربية حسنة، وتبث روح الفضيلة في نفوسهم فيصيرون في المستقبل رجالاً يرجى منهم الخير. أما إذا كانت غير متعلمة بما تسترشد به في أداء هذا الواجب الذي وضعتها فيه مقتضيات الطبيعة، فكيف يمكنها أن تربي أولادها تربية نافعة وتنجب أفراداً يرفعون مقام أمتهم ويعلون شأنها بين الأمم”.

ويتردد صدى أفكار السيدة حميدة في نفوس الليبيات، فنجد إحدى قارئات المجلة تبدي إعجابها بكتابات السيدة حميدة فتقول: “.. لا يسعني إلا أن أبدي اعجابي وتقديري للمربية الفاضلة السيدة حميدة العنيزي لما حواه مقالها القيم من الآراء الصائبة والنصائح العالية المفيدة..”.

* هذه المقالة جزء من بحث موسع عن السيدة حميدة العنيزي، ودورها في الحياة العامة في ليبيا منذ عودتها من تركيا حتى وفاتها في العام 1981م، وتزامن وقت النشر مع ذكرى وفاتها في شهر أغسطس، وذلك إبقاءً لذكراها العطرة حية في نفوس الليبيين، منشورة سابقا ً على موقع جيل بقسم رواق التاريخ عام 2007.

مراجع:

– أمينة بن عامر، المرأة الليبية:إبداع وإشعاع: حميدة العنيزي .

– احمد القلال ، سنوات الحرب وادارة العسكرية البريطانية فى برقة .

-إبراهيم المهدوى ، حكاية مدينتى بنغازى”دراسة وثائقية”.

-وهبى البورى ، مجتمع بنغازى فى النصف الاول من القرن العشرين.

– مجلة ليبيا المصورة ،1936.

– مقابلات شفهية (عام 2006 ) مع السيدة نجاة طرخان ، السيد عمران المصرى الجلالى، السيدة حميدة البرانى.